إطلاق أول تجربة علمية كويتية إلى محطة الفضاء الدولية
في إنجاز تاريخي جديد للكويت، نجاح إرسال أول تجربة علمية كويتية إلى محطة الفضاء الدولية. ففي يوم الأحد الموافق 6 ديسمبر 2020 تم إطلاق صاروخ فالكون-9، المصمم من قبل شركة سبيس أكس، من مركز كيندي للفضاء في الولايات المتحدة، حاملاً معه تجربة صممها طلاب في الكويت لتسليمها إلى رواد الفضاء المتواجدين على متن محطة الفضاء الدولية للقيام بتنفيذها في الفضاء نيابة عن الطلبة. بمبادرة من المركز العلمي التابع لمؤسسة الكويت للتقدم العلمي، تمثل التجربة حدثاً تاريخياً يعزز من مكانة الكويت ويضعها على خريطة الفضاء العالمية. وعلى ذلك احتفل المركز العلمي بهذا الإنجاز بإقامة فعالية خاصة لعرض لحظة إنطلاق صاروخ فالكون-9 إلى الفضاء.
وصرحت السيدة رنا النيباري- مدير عام المركز العلمي في حديثها خلال الفعالية: “فخورون بنجاح إطلاق أول تجربة علمية كويتية إلى الفضاء قام بها طلابنا الذين أظهروا قدرتهم على النجاح والمثابرة، واستمروا بالعمل حتى خلال الظروف الصعبة هذا العام. ويسعدنا اليوم أن نحتفل بهذا الإنجاز التاريخي”.
وتابعت النيباري بتسليط الضوء على أن المركز العلمي:” يسعى دائماً إلى تبني مثل هذه المبادرات، إنطلاقا من رؤيتنا في أن نكون مركزًا مستقطباً للمبتكرين المستقبليين في مجال العلوم، وإيماناً منا بأهمية العلوم ودورها في فهم عالمنا وبناء مستقبل مستدام للكويت. لذلك نبذل قصارى جهدنا في دعم الطلاب والشباب وتشجيعهم على الخوض في مجال التجارب العلمية التي من خلالها يتم تحصيل الخبرات الأساسية اللازمة لذلك. وكان هدفنا من هذه المبادرة رفع الوعي بالمهمات الفضائية ودورها في التنمية المستدامة التي من شأنها تؤدي إلى مستقبل مستدام للكويت”.
والجدير بالذكر أن هذه التجربة قد أختيرت من مسابقة أقامها المركز العلمي خلال فعالية شهر الفضاء 2019، بهدف قياس تأثير الجاذبية الصغرى على نمو بكتيريا إي كولاي و استهلاكها لثاني أكسيد الكربون. وذلك بالتعاون مع شركة الفضاء المداري، الشركة الأولى في العالم العربي التي تتيح الوصول إلى الفضاء من خلال تقنية الكيوب سات، وكان باب المنافسة مفتوح أمام جميع الطلاب من جميع المستويات المدرسية، ليتم اختيار الفائز من قبل لجنة من العلماء والمعلمين المرموقين. وتم اختيار الفريق الفائز، المكون من الطالبين عمر قمورية وملك عبدالله، لجدوى فكرتهما واحتمالية تحقيقنتائج التعلم. كان الطلاب من خريجي المدرسة الأمريكية في الكويت عام 2019. وبجانب هذه المسابقة، أجريت أخرى بين الطلبة في الكويت لتصميم شعار للتجربة فازت بها الطالبة حوراء ميرزا.
“يختلف هذا النشاط عن غيره من الأنشطة الطلابية فهو عبارة عن رحلة حقيقية للفضاء”. أكملت النيباري: “استمتعنا بجميع مراحلها بدايةً من اختيار التجربة الفائزة، إلى مرحلة الدراسة والبحث، تليها التجارب الأولية وجمع البيانات في مختبرات جامعة الكويت، وحتى وصلنا اليوم إلى مرحلة الإطلاق. عاماً كاملاً من الجهد والتعب، عملنا يداً بيد مع عمر وملك، وسرنا بثقة خطوة بخطوة حتى حققنا الإنجاز في إتمام المهام المطلوبة بحسب الجدول الزمني للمهمة الفضائية. تخطينا معهم كل الصعاب والتحديات التي واجهتنا، خصوصاً في ظل الأزمة العالمية التي أوقفت العالم إلا أننا لم نتوقف واستمرينا بالعمل المتواصل حتى وصلنا للمرحلة النهائية. والآن نرى ثمرة جهدنا أمام أعيننا ونحن نشاهد أول تجربة كويتية طلابية تتم في الفضاء، والتي بفضل جهود الجميع أصبحت واقع ننتظر نتائجه”.
استمرت التحضيرات الأولية للتجربة قبل إرسالها إلى محطة الفضاء الدولية عاما كاملا، بدعم فني ولوجستي من شركة الفضاء المداري وجامعة الكويت التي شاركت المركز العلمي في هذه المبادرة، وهيأت للطلاب جميع السبل لإنجاح هذه التجربة.
وقد صرح مؤسس ومدير عام شركة الفضاء المداري- الدكتور بسام الفيلي بمناسبة هذا الحدث قائلاً: “الإنجازات والابتكارات في مجال الفضاء هو حديث الساعة في نطاق العلوم والتكنولوجيا على مستوى العالم، ونحن فخورون بدعم المركز العلمي في خلق هذه الفرصة لتمكين شبابنا وتعليمهم المهارات ليساهموا في الجهود المبذول في تطوير وتقدم مجال الفضاء من أجل تحسين جودة الحياة على الارض.” وأكمل الفيلي تصريحه: “مع انطلاق أول تجربة كويتية إلى محطة الفضاء الدولية، يسعدنا أن نشعل شغف الشباب في مجالات العلوم والتكنولوجيا وخصوصاً مجال الفضاء. تجربة الكويت ليست فقط لإطلاق أحلام الطلبة، بل لإطلاق الخطوة الأولى لدخول الكويت في قطاع الفضاء أسوة بالدول المتقدمة”.
وقالت ندى الشمري- مديرة الأنشطة التعليمية والتواصل في شركة الفضاء المداري: “نحن متحمسون لخلق وتوفير الفرص التعليمية والعلمية للشباب التي من شأنها تطوير قدراتهم في البحث العلمي وإيجاد الحلول للتحديات وتنمية مهاراتهم في قيادة وأدارة المشاريع العلمية”. و أكملت الشمري:” لقد شجعنا التأثير الرائع الذي أحدثته تجربة الكويت الأولى في الفضاء على الشباب وهذا دليل واضح على جدية تفاعلهم مع مثل هذه الفرص متى أتيحت لهم، ونحن نواصل تقديم المزيد من الفرص في المشاركة الفضائية والبعثات للشباب في الكويت والمنطقة”.
لتحقيق هذا النجاح تعاون المركز العلمي وشركة الفضاء المداري مع وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) وشركات عالمية متخصصة في مجال علوم الفضاء لتسليم الحمولة وتحقيق حلم الطلاب في إتمام هذه التجربة، وذلك بتقديم كل المعدات المطلوبة وتهيئة بيئة مناسبة لهم.
صرحت مديرة برامج دريم أب، لورين ميلورد، بالإنابة عن شركة دريم أب “نفخر بشكل كبير بدعم الطلاب الذين أطلقوا أول حمولة علمية كويتية إلى محطة الفضاء الدولية اليوم. لم يصنع هؤلاء الطلاب التاريخ فحسب، بل أظهروا مثابرة مذهلة وقدرة على التكيف والإصرار حيث استطاعوا إنهاء التجربة في الموعد المحدد للإطلاق على الرغم من تحديات جائحة كوفيد -19. نهنئهم وكذلك نثمن جهود الجهات التي دعمتهم خلال هذه المهمة الفضائية. سنظل نراقب نتائج التجربة وما سيفعله فريق إي كولاي”.
والجدير بالذكر أن شركة دريم أب، مقرها العاصمة واشنطن، هي أول شركة خاصة تتيح المجال للطلبة للمشاركة في المهمات الفضائية. وتهدف الشركة إلى إلهام الأطفال على مستوى العالم وإشراكهم من خلال الاكتشافات العلمية في الفضاء، وتعزيز مجتمع تعليمي حيث تتوفر الفرصة لعمل الأبحاث والمهمات الفضائية للطلبة من جميع الأعمار. كما أنها تتمتع بسجل حافل مع أكثر من 400 حمولة بحثية للطلاب من جميع أنحاء العالم تم إطلاقها على صواريخ سبيس إكس ونورثروب جرومان إلى محطة الفضاء الدولية بالشراكة مع نانوراكس واتفاقية قانون الفضاء مع وكالة ناسا.
بعد الانتهاء من التحضيرات الأخيرة للتجربة بتاريخ 13 نوفمبر 2020 في مختبرات كلية العلوم الطبية في جامعة الكويت والتي استمرت ٤ شهور، شحنت التجربة إلى الولايات المتحدة الأمريكية لعمل ترتيبات الإطلاق الى محطة الفضاء الدولية. وبمناسبة ذلك صرح جاك ميوز، الرئيس الإقليمي لشركة فيديكس إكسبريس في منطقة الشرق الأوسط وشبه القارة الهندية وأفريقيا: “نحن متحمسون لنقل هذه الشحنة التي قد تسهم في تغيير ملامح عالمنا الحالي ودعم الجهود البحثية العلمية للطلاب. ونتوجه بالشكر للمركز العلمي بالكويت على منحنا الثقة لنقل هذه الشحنة والبرنامج الذي من شأنه أن يُغير العالم. ولطالما تشاركنا سوية ذات الرؤى المتمثلة بتمكين الجيل المقبل وتحفيزه على الاستكشاف وإحداث التغيير الإيجابي”.
وفي حديث نائب رئيس بعثة السفارة الأمريكية لاري ميموت خلال الحفل، سلط الضوء على عمل السفارة في تعزيز التعاون العلمي بين الولايات المتحدة والكويت. “بالإضافة إلى برامج التطوير المهني والتبادل الأكاديمي للطلاب والباحثين الكويتيين، نأتي بخبراء علميين أمريكيين إلى الكويت لتبادل الخبرات وإلهام الطلاب للسعي وراء العمل في مجال العلوم. نتطلع إلى توسيع شراكاتنا مع المؤسسات الكويتية للمساعدة في تحفيز الأبحاث الفضائية المستقبلية القادمة من الكويت”.
أكدت النيباري أن هذه ليست المبادرة الأولى التي يتبناها المركز العلمي لتعزيز علوم الفضاء في المجتمع أو التعاون مع محطة الفضاء الدولية إلا أنها الأكثر تميزاً، وقد جاءت استكمالاً لمسيرة المركز في تعزيز مكانة الكويت في مجال علوم الفضاء دولياً. فمنذ افتتاح المركز عام 2000 وبمناسبة إنشاء سينما آي ماكس، رُفع علم الكويت في محطة الفضاء الدولية ISS أثناء تصوير فيلم محطة الفضاء ثلاثي الأبعاد الذي أصدر عام 2002. وفي عام2006 نظم المركز فعالية لاقت صدى واسع بين المهتمين بالثقافة الفضائية، حيث سنحت الفرصة للطلاب وهواة الفضاء الخارجي التحدث لرواد الفضاء عبر الاتصال اللاسلكي بمحطة الفضاء الدولية من المركز العلمي. وبمناسبة أسبوع الفضاء العالمي نظم المركز العلمي فعالية شهر الفضاء عام 2018، الذي تضمنت عروض مميزة وأنشطة تعليمية لجميع الأعمار وكذلك لقاء حصري مع نابغة الفضاء الإماراتية علياء المنصوري. وفي عام 2019 أعاد المركز العلمي فعالية شهر الفضاء بمناسبة مرور 50 عاماً على إنشاء محطة أم العيش، أول محطة فضائية أرضية في الشرق الأوسط تقع في الكويت.
وفي ختام الفعالية، شكرت النيباري جميع المشاركين في تحقيق هذا الإنجاز.” نشكر جميع الجهات والأفراد الذين شاركوا في إتمام هذه التجربة، على رأسهم شركة الفضاء المداري، المتمثلة برئيسها د. بسام الفيلي، والتي لها الدور الأعظم في تمويل التجربة، والتنسيق بين الطلبة و الجهات الأخرى وكانت هي حلقة الوصل التي تربط بين المركز العلمي ومحطة الفضاء الدولية. كما نشكر جامعة الكويت التي فتحت لنا أبواب مختبرات كلية العلوم الطبية لإجراء التجارب الأولية تحت إشراف أستاذة علوم الاحياء المجهرية الدكتورة ليلى فالي. وأتقدم بأجزل الشكر للسفيرة ألينا ل. رومانوسكي سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية لدى دولة الكويت التي عملت جاهدة على تسهيل وصول التجربة إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وكذلك نشكر كل من شركة فيديكس إكسبريس التي شحنت التجربة من الكويت إلى الولايات المتحدة الأمريكية وشركة دريم أب على توفير المعدات المطلوبة لنقل وإجراء التجربة على متن محطة الفضاء الدولية.”